مجاعة مصر التي جعلت أهلها أكلي لحوم البشر, المستنصر بالله, الشدة المستنصرية, المستنصر بالله والشدة المستنصرية, رسول الله, سبع سنين مفترسة,
المستنصر بالله والشدة المستنصرية
المستنصر بالله هو الخليفة الخامس من خلفاء الدولة العبيدية الفاطمية في مصر والثامن منذ نشاتها بالمغرب، وأشهر أحداث عصره الشدة المستنصرية أو ما يعرف في كتب المؤرخين بـ "الشدة العظمى"، وهي مصطلح يطلق على المجاعة والخراب الذى حل بمصر لمدة سبع سنوات عجاف (457هـ - 464هـ / 1065م - 1071م).
الخليفة المستنصر بالله العبيدي
هو المستنصر بالله أبو تميم معد بن الظاهر لإعزاز دين الله بن الحاكم بن العزيز بن المعز لدين الله العبيدي الفاطمي، تولى الخلافة العبيدية الفاطمية خلفًا لوالده وهو ابن سبع سنين في النصف من شعبان سنة 427هـ / 1036م، وأقام بها ستين سنة إلى 487هـ / 1094م.
هو المستنصر بالله أبو تميم معد بن الظاهر لإعزاز دين الله بن الحاكم بن العزيز بن المعز لدين الله العبيدي الفاطمي، تولى الخلافة العبيدية الفاطمية خلفًا لوالده وهو ابن سبع سنين في النصف من شعبان سنة 427هـ / 1036م، وأقام بها ستين سنة إلى 487هـ / 1094م.
وقد بلغت الخلافة العبيدية الفاطمية في عهد من القوة والاتساع والازدهار ما لم يبلغه أحد قبله، حيث امتد سلطان الخلافة ليشمل بلاد الشام وفلسطين والحجاز وصقلية وشمال إفريقيا، وتردد اسمه على المنابر في هذه البلاد، وخُطب له في بغداد لمدة عام وذلك في سنة (450هـ / 1058م).
ودام ذلك حتى تغلبت أمه على الدولة، فكانت تصطنع الوزراء وتوليهم، ومن استوحشت منه أوعزت بقتله فيقتل، مما أثار الفتن وعمت الفوضى والاضطرابات، ومنه حل الخراب على الدولة كلها إلى أن سقطت بنفو الوزراء وضياع هيبة الخليفة. وقد كان سب الصحابة فاشيا في أياما لمستنصر، والسنة غريبة مكتومة، حتى إنهم منعوا الحافظ أبا إسحاق الحبال من رواية الحديث، وهددوه فامتنع.
قال ابن خلكان رحمه الله: "جرى على أيامه ما لم يجر على أيام أحد من أهل بيته ممن تقدمه ولا تأخره"، منها: حادثة البساسيري الذي قطع الخطبة للخليفة القائم بأمر الله وخطب للمستنصر ببغداد سنة 450هـ، ومنها أنه أقام في الأمر ستين سنة، وهذا أمر لم يبلغه أحد من أهل بيته ولا من خلفاء الإسلام، ومنها أنه حدث في أيام خلافته في مصر الغلاء العظيم الذي ما عهد مثله منذ زمان يوسف عليه السلام، وهو ما يعرف بالشدة المستنصرية أو الشدة العظمى.
أحداث خلافة المستنصر
شهد أواخر عهد المستنصر (427هـ - 487هـ) عدة اضطرابات عظيمة في البلاد، منها:
شهد أواخر عهد المستنصر (427هـ - 487هـ) عدة اضطرابات عظيمة في البلاد، منها:
1- أن الجند السودانيون يثيرون الاضطرابات في الوجه القبلي.
2- ونحوًا من أربعين ألف فارس من قبيلة لواتة والأعراب، تحت زعامة ناصر الدولة الحسين بن حمدان التغلبي (المتمرد على الخلافة العبيدية الفاطمية)، يغيرون على الوجه البحري وينهبون بلاده ويحطمون الجسور والقنوات، مما ترتب عليه انقطاع المئونة عن القاهرة والفسطاط.
3- وفى سنة 462هـ بعث ناصر الدولة إلى ألب أرسلان سلطان السلاجقة بالعراق رسولًا من قبله يسأله أن يرسل إليه عسكرًا ليقيم الدعوة العباسية بمصر على أن تؤول إليه السيادة على مصر، فرحب أرسلان بذلك، ولكنه انشغل بمحاربة الروم عن مصر.
4- وفى سنة 464هـ قطع ابن حمدان اسم المستنصر من الخطبة في الوجه البحري، وبعث إلى الخليفة القائم العباسي ببغداد يلتمس الخلع، ثم قدم إلى الفسطاط وتولي الحكم في القاهرة، وأطلق للخليفة مائة دينار كل شهر وخشي الأتراك على أنفسهم من جراء استبداد ناصر الدولة بالأمور في القاهرة، فدبروا لقتله فقتل وتتبعوا كل أفراد أسرته بمصر وتخلصوا منهم.
5- ثم تسلطت الأتراك، واستبدوا بالأمور دون المستنصر سنة 466هـ.
2- ونحوًا من أربعين ألف فارس من قبيلة لواتة والأعراب، تحت زعامة ناصر الدولة الحسين بن حمدان التغلبي (المتمرد على الخلافة العبيدية الفاطمية)، يغيرون على الوجه البحري وينهبون بلاده ويحطمون الجسور والقنوات، مما ترتب عليه انقطاع المئونة عن القاهرة والفسطاط.
3- وفى سنة 462هـ بعث ناصر الدولة إلى ألب أرسلان سلطان السلاجقة بالعراق رسولًا من قبله يسأله أن يرسل إليه عسكرًا ليقيم الدعوة العباسية بمصر على أن تؤول إليه السيادة على مصر، فرحب أرسلان بذلك، ولكنه انشغل بمحاربة الروم عن مصر.
4- وفى سنة 464هـ قطع ابن حمدان اسم المستنصر من الخطبة في الوجه البحري، وبعث إلى الخليفة القائم العباسي ببغداد يلتمس الخلع، ثم قدم إلى الفسطاط وتولي الحكم في القاهرة، وأطلق للخليفة مائة دينار كل شهر وخشي الأتراك على أنفسهم من جراء استبداد ناصر الدولة بالأمور في القاهرة، فدبروا لقتله فقتل وتتبعوا كل أفراد أسرته بمصر وتخلصوا منهم.
5- ثم تسلطت الأتراك، واستبدوا بالأمور دون المستنصر سنة 466هـ.
الشدة المستنصرية
شاءت الأقدار أن لا تقتصر معاناة البلاد على اختلال الإدارة والفوضى السياسية، فجاء نقصان منسوب مياه النيل ليضيف إلى البلاد أزمة عاتية. وتكرر هذا النقصان ليصيب البلاد بكارثة كبرى ومجاعة داهية امتدت لسبع سنوات متصلة (457هـ - 464هـ / 1065م - 1071م) [*]، وسببها ضعف الخلافة واختلال أحوال المملكة واستيلاء الأمراء على الدولة، واتصال الفتن بين العربان وقصور النيل، فزادات الغلاء وأعقبه الوباء، حتى تعطلت الأرض عن الزراعة، شمل الخوف وخيفت السبل برًا وبحرًا.
شاءت الأقدار أن لا تقتصر معاناة البلاد على اختلال الإدارة والفوضى السياسية، فجاء نقصان منسوب مياه النيل ليضيف إلى البلاد أزمة عاتية. وتكرر هذا النقصان ليصيب البلاد بكارثة كبرى ومجاعة داهية امتدت لسبع سنوات متصلة (457هـ - 464هـ / 1065م - 1071م) [*]، وسببها ضعف الخلافة واختلال أحوال المملكة واستيلاء الأمراء على الدولة، واتصال الفتن بين العربان وقصور النيل، فزادات الغلاء وأعقبه الوباء، حتى تعطلت الأرض عن الزراعة، شمل الخوف وخيفت السبل برًا وبحرًا.
وقد تخلل تلك المجاعة أعمال السلب والنهب وعمت الفوضى، واشتدت تلك المجاعة حتى لم يجد فيها الناس شيئا يأكلوه فأكلوا الميتة والبغال والحمير، وبيع رغيف الخبز الواحد بخمسين دينارًا.
وذكر ابن إياس من العجائب التي لا يصدقها عقل زمن تلك المجاعة، ومنها: أن الناس أكلوا الكلاب والقطط، وكان ثمن الكلب الواحد خمسة دنانير والقط ثلاثة، وقيل كان الكلب يدخل البيت فيأكل الطفل الصغير وأبواه ينظران إليه فلا يستطيعان النهوض لدفعه عن ولدهما من شدة الجوع والضعف، ثم اشتد الأمر حتى صار الرجل يأخذ ابن جاره ويذبحه ويأكله ولا ينكر ذلك عليه أحد من الناس، وصار الناس في الطرقات إذا قوى القوى على الضعيف يذبحه ويأكله.
وذكر كذلك أن طائفة من الناس جلسوا فوق أسقف البيوت وصنعوا الخطاطيف والكلاليب لاصطياد المارة بالشوارع من فوق الأسطح، فإذا صار عندهم ذبحوه في الحال وأكلوه بعظامه.
ويروي إياس أن وزير البلاد لم يكن يمتلك سوى بغل واحد يركبه، فعهد بالبغل إلى غلام ليحرسه، إلا أن الغلام من شدة جوعه كان ضعيفًا فلم يستطع أن يواجه اللصوص الذين سرقوا البغل، وعندما علم الوزير بسرقة بغله غضب غضبا شديدا، وتمكن من القبض على اللصوص، وقام بشنقهم على شجرة، وعندما استيقظ الصباح وجد عظام اللصوص فقط؛ لأن الناس من شدة جوعهم أكلوا لحومهم.
وقيل: إنه كان بمصر حارة تعرف بحارة الطبق، وهي معروفة بمدينة الفسطاط، كان فيها عشرون دارا، كل دار تساوي ألف دينار، فأبيعت كلها بطبق خبز، كل دار برغيف، فسميت من يومئذ بحارة الطبق.
وذكر ابن الأثير أنه اشتد الغلاء، حتى حكي أن امرأة أكلت رغيفا بألف دينار، وباعت عروضا تساوي ألف دينار بثلاث مائة دينار، فاشترت بها شوالًا من القمح، فانتهبه الناس، فنهبت هي منه، فحصل لها ما خبز رغيفًا.
وذكر سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان أن امرأة خرجت ومعها قدر ربع جوهر من اللؤلؤ، فقالت من يأخذ مني هذا الجوهر ويعطيني عوضه قمحًا؟! فلم تجد من يأخذه منها. فقالت: إذا لم تنفعني وقت الضائقة فلا حاجة لي بك، وألقته على الأرض وانصرفت. فالعجب ان ظل اللؤلؤ مرميًا على الأرض ثلاثة أيام ولميوجد من يلتقطه!!
ويروي المقريزي أن سيدة غنية من نساء القاهرة ألمها صياح أطفالها الصغار وهم يبكون من الجوع فلجأت إلى شكمجية حليها وأخذت تقلب ما فيها من مجوهرات ومصوغات ثم تتحسر لأنها تمتلك ثروة طائلة ولا تستطيع شراء رغيف واحد. فاختارت عقداً ثميناً من اللؤلؤ تزيد قيمته على ألف دينار، وخرجت تطوف أسواق القاهرة والفسطاط فلا تجد من يشتريه.
وأخيرًا استطاعت أن تقنع أحد التجار بشرائه مقابل كيس من الدقيق, واستأجرت بعض الحمالين لنقل الكيس إلى بيتها، ولكن لم تكد تخطو بضع خطوات حتى هاجمته جحافل الجياع، فاغتصبوا الدقيق، وعندئذ لم تجد مفرًا من أن تزاحمهم حتى اختطفت لنفسها حفنة من الدقيق وحزنت لما حدث من الجماهير الجائعة، فعكفت على عجن حفنة الدقيق وصنعت منها أقراصاً صغيرة وخبزتها ثم أخفتها فى طيات ثوبها، وانطلقت إلى الشارع صائحة: الجوع الجوع. الخبز الخبز. وألتفت حولها الرجال والنساء والأطفال وسارت معهم إلى قصر الخليفة المستنصر، ووقفت على مصطبة ثم أخرجت قرصاً من طيات ثوبها ولوحت به وهي تصيح: "أيها الناس، فلتعلموا أن هذه القرصة كلفتني ألف دينار، فادعوا معي لمولاي المستنصر الذي أسعد الله الناس بأيامه، وأعاد عليهم بركات حسن نظره، حتى تقومت عليَّ هذه القرصة بألف دينار!!".
وقُبض على رجل كان يقتل النساء والصبيان ويبيع لحومهم ويدفن رءوسهم وأطرافهم، فقُتل. واشتد الغلاء والوباء حتى أن أهل البيت كانوا يموتون في ليلة واحدة، وكان يموت كل يوم على الأقل ألف نفس، ثم أرتفع العدد إلى عشرة آلاف وفي يوم مات ثماني عشرة ألفًا.
وحكى أن المستنصر أخرج جميع ما في الذخائر فباعها، ويقال إنه باع في هذا الغلاء ثمانين ألف قطعة من أنواع الجوهر المثمنة وخمسة وسبعين ألف قطعة من أنواع الديباج المذهب وعشرين ألف سيف وأحد عشر ألف دار، وافتقر الخليفة المستنصر حتى لم يبق له إلا سجادة تحته وقبقاب في رجله.
وكان المستنصر في هذه الشدة يركب وحده، وكل من معه من الخواص مترجلون ليس لهم دواب يركبونها، وكانوا إذا مشوا تساقطوا في الطرقات من الجوع، وكان المستنصر يستعير من ابن هبة صاحب ديوان الإنشاء بغلته ليركبها صاحب مظلته، وآخر الأمر توجهت أم المستنصر وبناته إلى بغداد من فرط الجوع، وذلك في سنة 462هـ، وتفرق أهل مصر في البلاد وتشتتوا.
وكان المستنصر يتحمل نفقات تكفين عشرين ألفًا على حسابه، حتى فنى ثلث أهل مصر، وقيل إنه مات مليون وستمائة ألف نفس، ونزل الجند لزراعة الأرض بعد أن هلك الفلاحون.
وقال ابن دحية في كتاب النبراس: "وخرّبت القطائع التى لأحمد بن طولون في الشدة العظمى زمن الخليفة المستنصر العبيدى أيام القحط والغلاء المفرط الذي كان بالديار المصرية، وهلك من كان فيها من السكان، وكانت نيفا على مائة ألف دار". وخربت كذلك مدينة الفسطاط حتى كانت خرابًا.
وكان من نتيجة هذه الأزمة العاتية أن أخذت دولة المستنصر بالله في التداعي والسقوط، وخرجت كثير من البلاد عن سلطانه، فقُتل البساسيري في العراق سنة (451هـ / 1059م). وعادت بغداد إلى الخلافة العباسية، وقُطعت الخطبة للمستنصر في مكة والمدينة . وخُطب للخليفة العباسي في سنة (462هـ / 1070م)، ودخل النورمان صقلية واستولوا عليها . فخرجت عن حكم العبيديين سنة (463هـ / 1071م) بعد أن ظلت جزءًا من أملاكهم منذ أن قامت دولتهم.
وتداعى حكم المستنصر في بلاد الشام، فاستقل قاضي صور بمدينته سنة (462هـ / 1070م) وخرجت طرابلس من سلطان الفاطميين، وتتابع ضياع المدن والقلاع من أيديهم، فاستقلت حلب وبيت المقدس والرملة عن سلطانهم في سنة (463هـ / 1071م) ثم تبعتهم دمشق في العام التالي.
يقول البغدادي: (دخلت سبع سنين مفترسة لأسباب الحياة ويئس الناس من زيادة النيل وتصحرت الأراضي وهلكت الماشية وهلك الحرث والنسل وارتفعت الأسعار وأقحطت البلاد وضوى أهل السواد والريف إلى أمهات البلاد وجلا كثير إلى البلاد النائية ومزقوا كل ممزق.. وطائفة منهم يزيدون على عشرين ألفا انتقلوا إلى برقة وأعمالها فعمروها وقطنوا بها - وكانت مملكة عظيمة خربت في زمان خلفاء (مصر) على يد الوزير اليازوري ونزح عنها أهلها-..ودخل منهم خلق إلى القاهرة واشتد بهم الجوع وخطف الخبز من على رءوس الخبازين ووبئ الهواء..ووقع في الناس الموت عند نزول الشمس الحمل..وهاجرت النساء للعراق والشام وكن يبعن أنفسهن لقاء
وجبة طعام أو كسرة خبز..واضطر بعض أعيان الدولة ان يخدموا الناس لقاء كسرة من الخبز .. كما بيعت حارة بأكملها مكونة من عشرين دارا بطبق من الطعام حتى سميت بحارة الطبق..
وأكل الناس الجيف والميتة..ثم عمدوا إلى القطط والكلاب يذبحونها ثم يأكلونها..حتى ندرت فبيع الكلب ليؤكل بخمسة دنانير والقطة بثلاثة دنانير..ثم أكلوا البعر والروث فتفشت فيهم الأمراض وكثر الموت حتى أن الماشي بالقاهرة لا يزال يقع قدمه أو بصره على ميت أو من هو في السياق (يعني يحتضر) وكان يرفع من القاهرة كل يوم من الميضأة ما بين مائة إلى خمسمائة..
وأما الدور والدكاكين فقد خلا معظمها وليس لموتاها عدد يرمون ولا يوارون ثم عجزوا عن رميهم فبقوا في الدور والدكاكين..وأما الضواحي والقرى فهلك أهلها قاطبة إلا من شاء الله..والمسافر يمر بالقرية فلا يرى فيها نافخ نار وتجد البيوت مفتحة وأهلها موتى..حدثني بذلك غير واحد وأما بيوت الخليج وزقاق البركة والمقس وما تاخم ذلك فلم يبق فيها بيت مسكون..
وقال لي بعضهم إنهم مروا ببلد ذكروا أن فيها أربعمائة نول للحياكة فوجدوها خرابا وأن الحائك في جورة حياكته ميت وأهله موتى حوله..فحضرهم قوله تعالى:
( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون) سورة يس الآية (29)..
ثم قالوا: (ثم انتقلنا إلى بلد آخر فوجدناه ليس به أنيسا واحتجنا إلى الإقامة به لأجل الزراعة فاستأجرنا من ينقل الموتى مما حولنا إلى النيل كل عشرة بدرهم..فكان جملة ما أخذه الحمال خمسمائة درهم ونيف..)
وخبرت عن صياد بفوهة تنيس (محافظة الشرقية قديما) أنه مر به في بعض يوم أربعمائة آدمي يقذف بهم النيل إلى البحر..فحضره قوله تعالى: (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيى هذه الله بعد موتها) سورة البقرة الآية (259)..
وأما أنا فمررت على النيل فمر بي في ساعة نحو عشرة موتى..وأما طريق الشام فصارت منزوعة ببني آدم وعادت مأدبة بلحومهم للطير والسباع .. وهذا في القاهرة..وهو مع كثرته نزر في جنب ما هلك بمصر والحواضر وكله نزر في جنب ما هلك بالإقاليم..
فقد سمعنا من الثقات في الإسكندرية أن الإمام صلى يوم الجمعة على سبعمائة جنازة وأن تركة انتقلت في مدة شهر إلى أربعة عشر وارثا .. فكان الذي تحت قلم ديوان الحشرية من الموتى وضمته الميضأة في مدة اثنين وعشرين شهرا مائة ألف وأحد عشر ألفا إلا شيئا يسيرا..في عموم (مصر))
إذن فقد عم القحط والجدب والغلاء والوباء..وانتشرت حوادث النهب والاستلاب..بل وتخلص الخليفة والناس من مجوهراتهم وممتلكاتهم لقاء وجبة طعام أو كسرة خبز..
وأكل الناس الجيف والميتة من فرط الجوع..ثم أكلوا القطط والكلاب فلما عدموها عمدوا إلى أكل روث البهائم..فهل توقف رد فعل الناس عند هذا الحد؟..وهل رحمهم الجوع؟؟
لا والله..فقد استفحل الأمر..وكالعادة..سقط عن الناس ثوب التدين والحضارة..وحكمتهم شريعة الغاب..
وهاكم ما حدث..
يقول البغدادي: (اشتد الغلاء واستفحلت المسبغة وعدمت الأقوات حتى عجز الناس عن إطعام أنفسهم فضلا عن إطعام عيالهم .. فكانوا يتخلصون منهم .. فكثيرا ما كانت المرأة تتخلص من صبيتها في الزحام فينتظرون حتى يموتوا.. وأما بيع الأحرار فشاع وذاع وعرض علي جاريتان مراهقتان بدينار واحد وسألتني امرأة أن أشتري ابنتها وقالت: جميلة دون البلوغ بخمسة دراهم .. فعرفتها أن هذا حرام فقالت: خذها هدية.. وقد بيع خلق كثير وجلبوا إلى العراق وخراسان.. وانتهز الأثرياء الفرصة فاسترقوا الأبكار من الأحرار..وكانوا يتباهون فيما بينهم .. فمنهم من يقول إنه قنص خمسين بكرا..ومنهم من يقول سبعين..وكل ذلك بالكسر(يعني بضع وخمسين وبضع وسبعين)..)
إذن فقد استعبد الأحرار من شدة الوطء..هذا مريع..ولكن الشنيع لم يأت بعد..
يقول البغدادي: (وحكا لي من أثق به أنه اجتاز على امرأة وبين يديها ميت قد انتفخ وانفجر وهي تأكل من أفخاذه فأنكر عليها فزعمت أنه زوجها.. وأشباه هذا كثير جدا ومما شاع أيضا نبش القبور وأكل الموتى فقد أخبرني تاجر مأمون حين ورد من الإسكندرية بكثرة ما عاين لها من ذلك يعني من أكل بني آدم وأنه عاين خمس أرؤس صغار مطبوخة في قدر. وهذا المقدار كاف واعتقد أني قد قصرت..)
انظروا..حتى البغدادي نفسه قد استبشع ما حدث..ولم تقو نفسه على الاستمرار في سرد الأحداث برغم كثرتها وبشاعتها فاتهم نفسه بالتقصير..وأكاد أجزم بأنه قد قرر وقتها أن هذا كاف..ولن يكمل.. لذلك نجده يستطرد - ربما بعد أن تمالك نفسه قليلا- في سرد الأحداث.. وقبل أن أنقل لكم ما كتبه أجد لزاما علي أن أطالبكم مجددا بعدم الاسترسال في القراءة..ولكم مطلق الحرية في اختياركم..
يقول البغدادي: (وتزايدت الحال حتى أكل الناس بعضهم بعضا) .. - فكانوا في بادئ الأمر يقفون بالطرقات فيقتلوا من يظفروا به ثم يقطعوا لحمه ويأكلوه.. - وكانت طوائف تجلس بأعلى بيوتها ومعهم حبال فيها كلاليب (خطاطيف) فإذا مر بهم أحد ألقوها عليه ونشلوه في أسرع وقت وشرحوا لحمه وأكلوه وعرف هذا الزقاق التي كانت تقوم فيه هذه العمليات بزقاق القتل وتعقبتهم الشرطة حتى تم القبض عليهم وإعدامهم بعد ذلك..
- وجاء الوزير يوما إلى الخليفة على بغلته فأكلتها العامة فشنق طائفة منهم فاجتمع عليهم الناس فأكلوهم..فلما أصبح الصباح كانوا عظاما نخرة.. - ثم تعدوا إلى أكل الصغار وكثيرا ما يعثر عليهم ومعهم صغار مشويين أو مطبوخين فيأمر الخليفة بإحراق الفاعل.. - وقبض على رجل اتهم بخطف ابن جاره وشيه ثم أكله..فاعترف بأنه اتفق مع أبي الطفل على ذلك وشاركه لحمه فأعدما.. - وقبض على رجل كان يقتل النساء والصبيان ويدفن رءوسهم وأطرافهم ويأكل لحمهم ثم يبيع الفائض..فأعدم..
- ورأيت صغيرا مشويا في قفة مع رجل وامرأة أحضرا لقصر الخليفة فقالا: نحن أبواه.. فأمر بإحراقهما..
- وقبض على امرأة في السوق وفي يدها ساق مشوية فاقتادتها الشرطة لقصر الخليفة والناس قي السوق كل في حاله لا ينكر عليها شيئا.. - ودعا رجل جاره لمأدبة لحم..ثم خرج لبعض أمره..فاستراب الرجل من مذاق اللحم وسأل ابنة المضيف:
من أين اشترى أبوك هذا اللحم؟ فقالت ببساطة الطفولة: إنها جارتنا السمينة زينب..قد جاءت لزيارة أمي بالأمس فذبحها أبي
- ووجد بمصر رجل قد جردت عظامه وبقي قفصا.. وفشي أكل بني آدم واشتهر ووجد كثيرا..
- وحكت لي عدة نساء أنه يتوثب عليهن لاقتناص أولادهن ويحامين عليهن بجهدهن.. ولقد أحرق من النساء بمصر في أيام يسيرة ثلاثون امرأة كل منهن تقر أنها أكلت جماعة..
- ورأيت امرأة أحضرت إلى الخليفة وفي عنقها طفل مشوي فضربت أكثر من مائتي سوط على أن تقر فلم تحر جوابا بل وجدناها قد انخلعت عن الطباع البشرية ثم سجنت فماتت..
- وحكا لنا رجل أنه كان له صديق فدعاه ليأكل فوجد عنده فقراء قدامهم طبيخ كثير اللحم وليس معه خبز فرابه ذلك وطلب المرحاض فصادف عنده خزانة مشحونة برمم الآدميين وباللحم الطري فارتاع وخرج هاربا..
- وقد جرى لثلاثة من الأطباء ما يلي.. أما أحدهم فإن أباه خرج فلم يرجع.. وأما الآخر فأعطته امرأة درهمين ومضى معها فلما توغلت به مضائق الطرق استراب وامتنع وشنع عليها فتركت دراهمها وانسلت..
وأما الثالث فإن رجلا استحبه إلى بيته بحجة وجود مريضة وجعل في أثناء الطريق يتصدق بالكسر ويقول: هذا وقت اغتنام الأجر .. ثم أكثر حتى ارتاب منه الطبيب ودخل معه دارا خربة فتوقف في الدرج وفتح الرجل فخرج إليه رفيقه يقول : هل حصل صيد ينفع؟ .. فجزع الطبيب وألقى بنفسه إلى إسطبل فقام إليه صاحب الإسطبل يسأله فأخفى قصته خوفا منه أيضا فقال له صاحب الإسطبل: قد علمت حالك فإن أهل هذا المنزل يذبحون الناس بالحيل وقد نجاك الله منهم..
- ووجدنا طفيحا عند عطار به عدة خوابئ مملوءة بلحم الآدميين في الملح فسألوه فقال: خفت دوام الجدب فيهزل الناس..
- وكان جماعة ممن اتهموا بأكل الناس قد طلبوا ليقتلوا فهربوا..فأخبرني الثقة أن الذي وجد في بيوتهم أربعمائة جمجمة..)
- وأخيرا يقول المقريزي: (ودخلت سنة خمس وستين والأحوال على حالها أو في تزايد إلى زهاء نصف السنة..وتناقص موت الفقراء لقلتهم لا لانعدام السبب الموجب وتراجع سكان مصر لأقل معدل في تاريخها وتناقص أكل الآدميين ثم عدم..وقل خطف الأطعمة من الأسواق لفناء الصعاليك وخفت القاهرة وصارت أطلالا وعم الخراب.. فأما الهلالية ومعظم الخليج وحارة الساسة والمقس وما تاخم ذلك فلم يبق فيها أنيس وإنما ترى مساكنهم خاوية على عروشها..وحكي لي أنه كان بمصر سبعمائة منسجا للحصر فلم يبق إلا خمسة عشر منسجا فقس على هذا أمر باقي الصناع من سائر الأصناف..)
يقول المقريزي:
(لما سمع الخليفة مقولة السيدة التي اقتضت قرصة خبز بألف دينار استدعى وزيره وعنفه وأقسم له إن لم يوفر القمح في الأسواق بأسعار معتدلة ليقطعن رقبته..فاستراع الوزير وخرج يستدعي قائد الشرطة وقال له مثلما قال الخليفة.. فخرج قائد الشرطة واستدعى تجار الغلال وأحضر ثلاثة من المسجونين المحكوم عليهم بالإعدام وألبسهم ملابس فاخرة مثل ملابس التجار وأحضرهم اجتماع التجار على أساس أنهم تجار أيضا قدموا من الشام وصاح في أحدهم قائلا:لماذا تخفى القمح أيها الرجل الطماع والمجاعة قد أهلكت الناس أو لست تخاف الله يوم الدين؟
ثم أمر السياف بقطع رقبته أمام التجار وهكذا فعل مع الثاني والثالث فارتعدت فرائص التجار وخافوا خوفا عظيما..ثم استدعى واحدا من التجار الحقيقيين فصاحوا جميعا بصوت واحد يطلبون العفو وقالوا إنهم سيخرجون حنطتهم ويبيعونها في الأسواق بالأثمان التي يقدرها لهم وانفرج الحال قليلا ولكنه لم يدم طويلا على هذا المنوال..فقد استمر ناصر الدولة يضيق الخناق على القاهرة قاصدا خلع الخليفة والاستيلاء على الحكم.. واحتل ناصر الدولة القاهرة في نفر من رجاله ممن كانوا يتقدمون من جهة الصالحية ودخل القاهرة سنة 466 هـ – 1073م وعندما دخل رسوله قصر الخليفة المستنصر وجده جالسا على حصير بال ولم يجد عنده من قوت سوى رغيفين أعطتهما إليه إحدى المحسنات..فأشفق على حاله وارتد عنه..
ولم يمكث ناصر الدولة كثيرا مستمتعا بالنصر فسرعان ما حقد عليه صهره واسمه دكوز فأظهر الفرح باحتلال ناصر الدولة (مصر) خشية من بطشه وصالحه وظل يلاطفه حتى تمكن منه وقتله سنة 1073م فخلصت البلاد من شره..واستراح الخليفة من موت ناصر الدولة..
ثم اتصل سرا ب(بدر الجماَلي) والي عكا وكان أرمني الأصل يدين بالولاء للخليفة..وحمل الخليفة رسوله السري رسالة احتوت على ثلاثة أوامر:
القضاء على الفتنة التي دبت في الجيش..وقتل دكوز..وتولي وزارة مصر
فهاجم بدر (مصر) بجيش من أهل الشام عن طريق البحر حتى يفاجئ الجنود الأتراك بالرغم من معارضه قواد جيشه ووصل إلى ثغر دمياط وأنزل بها الجنود وسار في الدلتا ففتك بالقواد الأتراك..
وعندما دخل القاهرة سنة 1074م أخذ كبار قواد الأتراك بالحيلة فأعد لهم وليمة عظيمة وكان قد أوصى جنوده أن يبطشوا بهم ورتب لكل واحد من قواد الأتراك أميرا من أمرائه وكان أجرتهم أن يعطى لكل منهم قصر فضلا عن أملاك القواد الأتراك الذين يقتلونهم فسروا بذلك سرورا عظيما وبعد انتهاء الوليمة أخذ كل أمير قائدا تركيا ومعه ثلة من الجنود ليوصله إلى منزله فبطش كل أمير بالقائد الذي معه وقتله بالسيف بالقرب من منزله ولما أصبح الصباح كان كل أمراء بدر الجمالي يسكنون في قصور الأتراك..
القضاء على الفتنة التي دبت في الجيش..وقتل دكوز..وتولي وزارة مصر
فهاجم بدر (مصر) بجيش من أهل الشام عن طريق البحر حتى يفاجئ الجنود الأتراك بالرغم من معارضه قواد جيشه ووصل إلى ثغر دمياط وأنزل بها الجنود وسار في الدلتا ففتك بالقواد الأتراك..
وعندما دخل القاهرة سنة 1074م أخذ كبار قواد الأتراك بالحيلة فأعد لهم وليمة عظيمة وكان قد أوصى جنوده أن يبطشوا بهم ورتب لكل واحد من قواد الأتراك أميرا من أمرائه وكان أجرتهم أن يعطى لكل منهم قصر فضلا عن أملاك القواد الأتراك الذين يقتلونهم فسروا بذلك سرورا عظيما وبعد انتهاء الوليمة أخذ كل أمير قائدا تركيا ومعه ثلة من الجنود ليوصله إلى منزله فبطش كل أمير بالقائد الذي معه وقتله بالسيف بالقرب من منزله ولما أصبح الصباح كان كل أمراء بدر الجمالي يسكنون في قصور الأتراك..
وأسرع بدر إلى الخليفة المستنصر يخبره بنجاح الخطة والقضاء على خصومه ولهذا لقبه الخليفة ب(أمير الجيوش)..-وهذا لعمري يذكرني بمذبحة القلعة الشهيرة التي دبرها الوالي محمد علي باشا ضد القواد والأمراء المماليك-.. وبقي من القواد الأتراك اثنين لم يحضرا الوليمة أحدهما توجه إلى الإسكندرية والآخر إلى دمياط وقاموا على الأهالي نهبا وسرقه وقتلا فتوجه إليهم أمير الجيوش في حملة قوية قضت عليهم وسبى نساءهم وخيولهم وعتادهم وفرق أجود نسائهم على جنوده وباع الباقي في القاهرة فباع المرأة بدينار والحصان بدينار ونصف..
ونما خبر قوة جيش المستنصر إلى سكان مكة فرجعوا إلى إعلان الولاء به واعترفوا به أميرا للمؤمنين وكانوا قبل ذلك قد انفصلوا وصار ولاؤهم للخليفة العباسي ببغداد..وقاموا إلى كسوة الكعبة التي أرسلها خليفة بغداد ومزقوها ووضعوا بدلا منها كسوة المستنصر..
![]() |
احدى بوابات القاهرة القديمة .. يا ترى كم شهدت من افراح و اتراح
|
وبعد أن انتظمت البلاد ظهر غازيا جديدا من الأتراك اسمه عبد العزيز ظهر في فلسطين وكانت جيوش أمير الجيوش مشتبكة في مطاردة العبيد بالصعيد عام 1086م فانتهز عبد العزيز غياب الجمالي عن الشام واستولى عليها بدون مقاومة فدخل دمشق ثم القدس ثم طبرية واستمر يزحف حتى وصل إلى مشارف القاهرة..
ووقع بدر في ورطة لأن جيوشه كانت في الصعيد فعمد إلى الحيلة والدهاء وبدأ يظهر الود والمصالحة مع عبد العزيز وفى الوقت نفسه كان عبد العزيز لا يعرف أن الجيوش بالصعيد ودارت المناقشات بينهم حتى ارتضى عبد العزيز أن يدفع بدر إليه مبلغا من المال كتعويض عن تكاليف حملته في الشام مقابل الخروج من (مصر)..وظل بدر يماطل في الوعد ويطيل في الرد ويختلق الأعذار وأثناء ذلك كان يحث جنوده في الصعيد على سرعه العودة إلى القاهرة لحمايتها وأخيرا وصل جنوده وفى نفس الوقت كان أعداد غفيره من حجاج المسلمين قد قدموا من أنحاء البلاد إلى القاهرة بهدف الذهاب إلى مكة فذهب إليهم بدر لاستقبالهم ووقف فيهم خطيبا وأخبرهم بالغزاة وأنه يجب عليهم الجهاد قبل الذهاب إلى الحج لأنه أوجب..وأن عليهم إنقاذ (مصر) من مطامع الغزاة وإنقاذ البلاد والذود عنها فأثر عليهم ببلاغته فانصاعوا وتحمسوا للجهاد فانتخب ثلاثة ألاف فرد منهم ووزع عليهم السلاح وأخذ يتخابر مع قبائل العرب ممن يعيشون على الحدود الشرقية وتضامنوا مع الغزاة من قبل ورغبهم في الغنائم والأسلاب والأموال فسمعوا له وأمدوه بالرجال فانتظم له جيش غفير فقادهم بنفسه وباغت بهم صفوف العدو وأبلى بلاء حسنا فهزم الغزاة وقتل منهم الألوف ففروا هاربين من أمامه تاركين أشلائهم وعشرة ألاف من الصبيان والصبايا كانوا قد سبوهم من الشام ليبيعوهم في مصر بيع الرقيق..
ووقع بدر في ورطة لأن جيوشه كانت في الصعيد فعمد إلى الحيلة والدهاء وبدأ يظهر الود والمصالحة مع عبد العزيز وفى الوقت نفسه كان عبد العزيز لا يعرف أن الجيوش بالصعيد ودارت المناقشات بينهم حتى ارتضى عبد العزيز أن يدفع بدر إليه مبلغا من المال كتعويض عن تكاليف حملته في الشام مقابل الخروج من (مصر)..وظل بدر يماطل في الوعد ويطيل في الرد ويختلق الأعذار وأثناء ذلك كان يحث جنوده في الصعيد على سرعه العودة إلى القاهرة لحمايتها وأخيرا وصل جنوده وفى نفس الوقت كان أعداد غفيره من حجاج المسلمين قد قدموا من أنحاء البلاد إلى القاهرة بهدف الذهاب إلى مكة فذهب إليهم بدر لاستقبالهم ووقف فيهم خطيبا وأخبرهم بالغزاة وأنه يجب عليهم الجهاد قبل الذهاب إلى الحج لأنه أوجب..وأن عليهم إنقاذ (مصر) من مطامع الغزاة وإنقاذ البلاد والذود عنها فأثر عليهم ببلاغته فانصاعوا وتحمسوا للجهاد فانتخب ثلاثة ألاف فرد منهم ووزع عليهم السلاح وأخذ يتخابر مع قبائل العرب ممن يعيشون على الحدود الشرقية وتضامنوا مع الغزاة من قبل ورغبهم في الغنائم والأسلاب والأموال فسمعوا له وأمدوه بالرجال فانتظم له جيش غفير فقادهم بنفسه وباغت بهم صفوف العدو وأبلى بلاء حسنا فهزم الغزاة وقتل منهم الألوف ففروا هاربين من أمامه تاركين أشلائهم وعشرة ألاف من الصبيان والصبايا كانوا قد سبوهم من الشام ليبيعوهم في مصر بيع الرقيق..
ويبدو أنه لم تكتب له الراحة..إذ تمرد عليه اثنان من العامة والتف حولهما مؤيدون وناصبوه العداء فسير عليهما حملة كبيرة بقيادة ابنه الأفضل - الذي خلفه في الوزارة بعد وفاته- فهزمهما وشتت شمل الملتفين حولهما وقطع رقبة الأول وزج بالثاني في غيابت السجن..ولما استتب له الأمر راح يصلح شئون البلاد والعباد ويخضع الخارجين من أهلها فخاف قطاع الطرق من قطع رقابهم وارتدوا عن أفعالهم وساد الأمن والسلام البلاد
ودبر بدر الأمور أحسن تدبير وأرخص الأسعار بعد طول مدة غلائها في السنين الماضية وذلك أنه نادى بإخراج الغلال وبيعها وأخذ يهجم على كل من يبلغه أن عنده غلة خزين فإذا وجد ذلك طلبه وكشف عما يكفيه وجميع عائلته من تلك الغلة مدة سنة كاملة ويأمر بالفاضل عنه فيباع ويصب في العروض فرخص السعر حتى صار سعر إردب القمح ثلاثة دنانير في القاهرة وخمسة في الإسكندرية وستة في قوص بالصعيد..وطابت نفوس الناس ومشى الحال وقويت الهيبة وارتد المفسد وأمنت الطرق وسافر التجار وورد الجالب وازداد الخراج..وعم الخير أنحاء البلاد..
كما قام بإلغاء الضرائب علي أصحاب الأراضي والمصانع والتجارة لمدة سنتين لتخفيف الأزمة..
وفي نفس الوقت بدأ النيل في الجريان نحو (مصر) وكأن هذا كان إيذانا من الله بانقشاع الغمة..
وعادت (مصر) رويدا رويدا إلي الحياة..وتحسنت الأحوال الاقتصادية..
ولم يركن بدر إلى الدعة..بل اجتهد في تحصين القاهرة.. فبنى حول القاهرة سورا جديدا لحمايتها وشيد فيه ثلاثة أبواب ضخمة هي: باب النصر وباب الفتوح وتم بناؤهما سنة (480هـ : 1087م ) وباب زويلة ( المتولي ) وتم بناؤه سنة ( 484هـ: 1091م ) وجدد الكثير من الجوامع وبنى جوامع جديدة في القاهرة والإسكندرية وجزيرة الروضة مثل مسجده الذي بناه بماله الخاص ويسمى مسجد أمير الجيوش أو (الجيوشي) كما يسميه أهل (مصر) والذي بناه على حافة جبل المقطم سنة (478 هجرية : 1085م) ويشرف الآن على قلعة صلاح الدين الأيوبي..
كما أسس حي الجمالية بالقاهرة الذي سمي باسمه تيمنا..ومن فرط حب الناس له كانوا يقولون عندما يلقونه متهللين:(ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة)..سورة آل عمران الآية (123)
ولما رأى الخليفة أعمال بدر وحكمته وحسن تدبيره خلع عليه لقبا فأسماه (أمير الجيوش سيف الإسلام بدر الدين الجمالي)..ومكث أمير الجيوش بمصر عشرين سنة وكان سببا من الله في كشف الغمة وإغاثة الأمة.. ومات في سنة واحدة مع الخليفة المستنصر وكان ذلك ( سنة 487هـ : 1094م))
ولما رأى الخليفة أعمال بدر وحكمته وحسن تدبيره خلع عليه لقبا فأسماه (أمير الجيوش سيف الإسلام بدر الدين الجمالي)..ومكث أمير الجيوش بمصر عشرين سنة وكان سببا من الله في كشف الغمة وإغاثة الأمة.. ومات في سنة واحدة مع الخليفة المستنصر وكان ذلك ( سنة 487هـ : 1094م))
بدر الدين الجمالي والخروج من الأزمة
لم يكن أمام الخليفة المستنصر بالله للخروج من هذه الأزمة العاتية سوى الاستعانة بقوة عسكرية قادرة على فرض النظام، وإعادة الهدوء والاستقرار إلى الدولة التي مزقتها الفتن وثورات الجند، وإنهاء حالة الفوضى التي عمت البلاد، فاتصل ببدر الجمالي واليه على عكا سنة 466هـ، وطلب منه القدوم لإصلاح حال البلاد، فأجابه إلى ذلك، واشترط عليه أن لا يأتي إلا ومعه رجاله، ومن يختاره من عسكر الشام (أرمن)، ليستعيض بهم عن الجند الأتراك والمغاربة والسودانيين الموجودين بمصر.
وبدر الجمالي كان مملوكًا أرمينيًا للأمير جمال الدولة بن عمار، ثم أخذ يترقي في المناصب لما أظهره من كفاية في الحروب التي قامت ببلاد الشام، حتى ولي إمارة دمشق من قبل المستنصر سنة 456هـ، وحارب الأتراك في تلك البلاد ثم تقلد نيابة عكا سنة 460هـ.
وما إن حل بدر الجمالي بمدينة القاهرة حتى تخلص من قادة الفتنة ودعاة الثورة، وبدأ في إعادة النظام إلى القاهرة وفرض الأمن والسكينة في ربوعها، وامتدت يده إلى بقية أقاليم مصر فأعاد إليها الهدوء والاستقرار، وضرب على يد العابثين والخارجين، وبسط نفوذ الخليفة في جميع أرجاء البلاد.
وفي الوقت نفسه عمل على تنظيم شئون الدولة وإنعاش اقتصادها، فشجع الفلاحين على الزراعة برفع جميع الأعباء المالية عنهم، وأصلح لهم الترع والجسور، وأدى انتظام النظام الزراعي إلى كثرة الحبوب، وتراجع الأسعار، وكان لاستتباب الأمن دور في تنشيط حركة التجارة في مصر، وتوافد التجار عليها من كل مكان.
واتجه بدر الجمالي إلى تعمير القاهرة وإصلاح ما تهدم منها، فأعاد بناء أسوار القاهرة وبنى بها ثلاثة أبواب تعد من أروع آثار العبيديين الفاطميين الباقية إلى الآن وهي: باب الفتوح وباب النصر وباب زويلة، وشيد مساجد كثيرة فبنى في القاهرة مسجده المعروف بمسجد الجيوش على قمة جبل المقطم، وبنى جامع العطارين بالإسكندرية.
واستطاع الجمالي أن يعيد نفوذ الخليفة على جميع بلاد الوجه القبلي حتى أسوان، وكذلك الوجه البحري، وبني جامع العطارين وأعاد الرخاء فزاد خراج مصر في سنة (457 –464) من 2.000.000 دينار إلى 3.100.000 دينار، وتوفي الجمالي سنة 487هـ وعهد لابنه الأفضل شاهنشاه.
ولم يكن للوزير بدر الجمالي أن يقوم بهذه الإصلاحات المالية والإدارية دون أن يكون مطلق اليد، مفوضا من الخليفة المستنصر، وقد استبد بدر الجمالي بالأمر دون الخليفة، وأصبحت الأمور كلها في قبضة الوزير القوي، الذي بدأ عصرا جديدا في تاريخ الدولة الفاطمية في مصر، تحكم فيه الوزراء أرباب السيوف.
وفاة المستنصر بالله
وظل المستنصر في عهد وزرائه كالمحجور عليه، وآلت به شدائد عظيمة، وفقد القوت فلم يقدر عليه، حتى كانت امرأة من الأشراف تتصدق عليه في كل يوم بقعب فيه فتيت، فلا يأكل سواه مرة في كل يوم، وظل كذلك إلى أن توفي في 18من ذي الحجة سنة 487هـ، ومع وفاة المستنصر بدأ العصر العبيدي (الفاطمي) الثاني حيث زادت سلطة الوزراء، وهو ما اصطلح عليه بعصر نفوذ الوزراء.
وظل المستنصر في عهد وزرائه كالمحجور عليه، وآلت به شدائد عظيمة، وفقد القوت فلم يقدر عليه، حتى كانت امرأة من الأشراف تتصدق عليه في كل يوم بقعب فيه فتيت، فلا يأكل سواه مرة في كل يوم، وظل كذلك إلى أن توفي في 18من ذي الحجة سنة 487هـ، ومع وفاة المستنصر بدأ العصر العبيدي (الفاطمي) الثاني حيث زادت سلطة الوزراء، وهو ما اصطلح عليه بعصر نفوذ الوزراء.
وهكذا انتهت أصعب أزمة واجهت (مصر) على مر العصور بفضل الله..
وأعتقد أنني قد استوفيتها حقها..واستوفيت المستنصر بالله حقه..فهو برأيي لا يستحق أن تصب فوق رأسه اللعنات..فقد رأيناه متدينا..رحيما..زاهدا في الدنيا ومتاعها الزائل..ولكن حسن الظن أورده المهالك كما أسلفت.. رأيناه في البداية يود ألا يكون بينه وبين شعبه حجاب..ففتح باب قصره للمظالم..فاستغله الخبثاء من الحاشية وذوي المطامع.. ثم رأيناه يشارك شعبه الصبر على الملمات والجوع..وينفق كل ثروته على تكفين الموتى ومساعدة المحتاجين حتى فنيت تلك الثروة..حتى إذا دخل عليه رسول ناصر الدولة ورأى حاله أشفق عليه وانصرف عنه.. وحتى عاش على الصدقات..وقد كان بإمكانه جمع ثروته والهرب بها إلى المغرب حيث مركز الدولة الفاطمية قديما أيام جده المعز.. بل إن المقريزي يقول واصفا رد فعل المستنصر إبان تمرد الجيش وانقسامه بين الأتراك والعبيد: (ولم يكن الخليفة يبطش بأحد من الثائرين فطمع فيه الأتراك.. ورأى الخليفة نفسه بلا نفوذ يذكر حتى في قصره وعلى خدمه وحاشيته لنفوذ أمه القوي في داخل القصر وخارجه فكانت الحاكم الفعلي للبلاد فحدثته نفسه أن يتنازل عن هذا الملك الأسمى والتخلص من صلف أمه وعنادها وتدخلها وذهب إلى الفسطاط ليقضى بقية حياته في الزهد في جامع عمرو ولكن والدته لم توافق فردته بعد مصالحته بأن أعطت له بعض النفوذ داخل القصر فقط)
وإن كان لي أن أدلي بدلوي فيما سبق فسأقول: لقد خرجت من كل ما سبق بحقيقة مفادها أن طبع المصريين متأصل منذ الأجداد..ويتمثل هذا في نقطتين:
أولاهما الخوف من الغد..وهذه لعمري نقيصة وبلية
وثانيتهما التسامح الديني وطيبة أهلها فالكل مصريين بغض النظر عن الديانة..وهذه لعمري ميزة وفضيلة تميزت بها (مصر) طيلة تاريخها المديد دونما سائر الأمصار..وهاكم بعض الشواهد:
1-يقول ساويرس بن المقفع: (وفي سنة 133هـ في ولاية أبي عون أول عصر العباسيين لم يصل النيل إلى حد الوفاء فصلى الناس صلاة الاستسقاء وخرج في ذلك المسلمون واليهود والنصارى من أهل الفسطاط والجيزة)
2- يقول المقريزي: (لم تحدث في حياة أحمد بن طولون أزمات اقتصادية على الإطلاق إلا أن مرضه الأخير أحدث اضطرابا في مصر إذ تخوف الناس من احتمالات ما بعد وفاته خصوصا وأن ولي عهده خمارويه كان لا يزال حينئذ صغير السن أخضر العود قليل التجربة فاضطربت مصر لمرض ابن طولون وخرج الناس قاطبة إلى الصحاري وفعلوا مثل ما يفعلون في الاستسقاء فخرج الناس حفاة وعلى رؤوسهم المصاحف وخرج اليهود وعلى رؤوسهم التوراة وخرج النصارى وعلى رؤوسهم الأناجيل وخرج الأطفال من المكاتب (الكتاتيب) وعلى رؤوسهم الألواح وخرج العلماء والصلحاء وهم يدعون الله تعالى له بالعافية والشفاء)
3-يقول الأنطاكي: (وتميزت مصر طيلة تاريخها بالحرية الدينية..فلما حكمها الفاطميون وكان مذهبهم التشيع بقي معظم أهل مصر على مذهبهم السني وخاصة في الإسكندرية..وعاشوا في سلام رغم اختلاف المذاهب..بل إن أهل الذمة من اليهود والنصارى قد وصلوا إلى أرفع المناصب في عهد الفاطميين..فكان منهم الوزراء كيعقوب بن كلس اليهودي وزير المعز لدين الله وأبي المنجا اليهودي محتسب النيل في عهد المستعلي بالله الفاطمي ووزيره الأفضل بن بدر الجمالي.. حتى إن شاعرا من الشعراء المعاصرين يسمى ابن البواب نظم في ذلك أبياتا قال فيها
يهــود هــذا الزمــان قـد بلغـوا ** غايـــة آمــالهم وقــد ملكــوا
العـــز فيهــم والمــال عنــدهم ** ومنهـــم المستشـــار والملـــك
كما كان كانت علاقة المعز بالبطرك إبرام علاقة طيبة وكان ساويرس بن المقفع من أصدقاء إبرام البطرك وأكبر علماء الكنيسة في ذات الوقت فكان كثيرا ما يتردد على ديوان الملك وكان المعز يدعوه للمناظرة مع أئمة المسلمين واليهود في حضوره..)
4- يقول المقريزي: (وفي خلافة الظاهر لإعزاز دين الله الفاطمي فشت الأمراض وكثر الموت في الناس في سنة 415هـ وانشغل الناس بما هم فيه من وباء عن الاحتفال بليلة الميلاد)
5- وأختم المقال بتلك الواقعة الطريفة..يقول الأنطاكي: (اتفق أن ساويرس كان جالسا في ديوان المعز إذ عبر أمامهم كلب حراسة وكان يوم جمعة وكان أئمة المسلمين واليهود حضورا فقال له المعز بابتسامة ساخرة:
ماذا تقول يا ساويرس في هذا الكلب هو نصراني أو مسلم ؟
فقال له : اسأله فهو يجيبك عن نفسه
فتظاهر المعز بالغضب وقال :وهل الكلب يتكلم ؟ إنما نريدك أنت أن تقول لنا..
قال : نعم يجب أن نجرب هذا الكلب وذلك أن اليوم يوم جمعة والنصارى يصوموه ولا يأكلوا فيه لحم فإذا أفطروا عشية يشربون النبيذ والمسلمين لا يصوموه ولا يشربوا فيه النبيذ ويأكلوا فيه اللحم فضعوا أمامه لحم ونبيذ فإن أكل اللحم فهو مسلم وإن لم يأكله وشرب النبيذ فهو نصراني.. فلم يتمالك المعز نفسه من الابتسام وأمر له بصلة..)
هكذا كانت (مصر) طوال تاريخها..أزمات اقتصادية..اضطرابات ومطامع سياسية..أوبئة ومجاعات.. ومع ذلك تجدها دوما صلبة..تظل واقفة أمام الزمان لا تنحني..تمد يد العون للجميع..حتى في أحلك وأقسى الظروف.. تحافظ على تراثها وتسعى لبناء مجدها..وتفتح ذراعيها للجميع فتجود عليهم بخيرها.. هي التي ذكرت في القرآن خمس مرات ودخولها سلام ... وهى التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديثه حيث قال: (ستفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لكم منهم ذمة و رحما)
وقوله (إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض
قال أبو بكر: لم يا رسول الله؟
قال لأنهم و أزواجهم في رباط إلى يوم القيامة).
هذه هي (مصر)
ولك الله يا ( مصر )
المصادر:
- المقريزي: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة: الأولى، 1418هـ.
- المقريزي: إغاثة الأمة بكشف الغمة، تحقيق: كرم حلمي فرحات، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، مصر، ط 1، 1427هـ - 2007م.
- ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، الناشر: وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، مصر.
- ابن خلكان: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، الناشر: دار صادر – بيروت، الطبعة الأولى للجزء الخامس 1994م.
- الذهبي: سير أعلام النبلاء، تحقيق : مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة : الثالثة 1405هـ / 1985م.
- ابن إياس: المختار من بدائع الزهور في وقائع الدهور، كتاب الشعب، مطبعة الشعب 1960م.
- ابن الأثير: الكامل في التاريخ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م.
- المقريزي: إغاثة الأمة بكشف الغمة، تحقيق: كرم حلمي فرحات، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، مصر، ط 1، 1427هـ - 2007م.
- ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، الناشر: وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، مصر.
- ابن خلكان: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، الناشر: دار صادر – بيروت، الطبعة الأولى للجزء الخامس 1994م.
- الذهبي: سير أعلام النبلاء، تحقيق : مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة : الثالثة 1405هـ / 1985م.
- ابن إياس: المختار من بدائع الزهور في وقائع الدهور، كتاب الشعب، مطبعة الشعب 1960م.
- ابن الأثير: الكامل في التاريخ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م.
- كتاب (بدائع الزهور في وقائع الدهور) لابن إياس- دار الشروق للطباعة والنشر- مصر- كتاب (الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر) لعبد اللطيف البغدادي- مكتبة موقع كابوس- كتاب (البيان في دلائل الإعلام على أصول الأحكام) لابن الصيرفي- دار الشروق للطباعة والنشر- مصر
COMMENTS