عريان يوسف سعد, ميت غمر, الدقهلية - ولد عريان يوسف سعد فى ٢٥ مايو ١٨٩٩ فى ميت غمر لأسرة أرستقراطية، حصل على البكوية عام ١٩٥١، وتوفى عام ١٩٧٤. ومن بين إخوته الـ ١١، دوّن تاريخ النضال الوطنى اسم عريان، الذى انتقل مع أسرته من عزبتها التى نشأت بها فى ميت محسن إلى القاهرة، ليتلقى تعليمه الثانوى فى المدرسة التوفيقية، قبل أن يلتحق بكلية الطب – جامعة فؤاد الأول.
![]() |
عريان يوسف سعد |
مشاهير ميت غمر | المناضل الثوري عريان يوسف سعد
نشأة المناضل الثوري عريان يوسف سعد
ولد عريان يوسف سعد فى ٢٥ مايو ١٨٩٩ فى ميت غمر لأسرة أرستقراطية، حصل على البكوية عام ١٩٥١، وتوفى عام ١٩٧٤. ومن بين إخوته الـ ١١، دوّن تاريخ النضال الوطنى اسم عريان، الذى انتقل مع أسرته من عزبتها التى نشأت بها فى ميت محسن إلى القاهرة، ليتلقى تعليمه الثانوى فى المدرسة التوفيقية، قبل أن يلتحق بكلية الطب – جامعة فؤاد الأول.وكأننا فى حلم جميل ونحن نسترجع تاريخنا الوطنى ” المجهول ” ..
نجلس بكامل حجمنا ونقرأ وسرعان ما نتضائل أمام شجاعة وبطولات من سبقونا فنصير أقل من حروف الكتاب ولكننا نظل نتابع بشوق سيرة هؤلاءالابطال اللذين قدموا أروع التضحيات فى سبيل هذا الوطن ” مصر ” ..مصر التى يحاولوا الاستهانة بها وبتاريخها الوطنى العظيم . مصر التى يتجرأ عليها جهلاء العصر الحديث ويصمونها بأنها مطية لكل مستعمر غازى لها . هؤلاء هم فاقدى الابصار معدومى البصيرة سلط الله عليهم عيونهم فصارات لاترى جمال وروعة الوطن هؤلاء عميان لانلومهم وهل على الاعمى حرج !
– وهذه قصة جديدة فى كتاب الوطنية المصرية بطلها شاب جرىء مصرى صميم قبطى الديانة مصرى الهوية مُسلم بروح الحرية والفداء ….أنه البطل المصرى الجرىء الطالب الثورى الجامح للتمرد ” #عريان_يوسف_سعد ” أحد أعضاء الجهاز السرى للثورة الام ثورة 1919والمتهم بمحاولة أغتيال رئيس الوزراء القبطى أيضاً ” يوسف باشا وهبه ” الذى تغاطى عن مطالب الثورة وغض بصره عن بشاعات الانجليز وأعدامهم لعشرات المصريين والجلد للالف وهتك عرض نساء مصر والاهم هو مخالفة قرارات الثورة والتى أطلقها سعد زغلول من أنه لايجوز لمصرى أن يؤلف الوزارة فى ظل الحماية البريطانية أو أن يشارك فيها …
عريان يوسف سعد الطالب الثورى
فى خضم أحداث متلاطمة هزت القاهرة عام ١٩١٩، كان «عريان يوسف سعد»، الطالب الثورى الجامح للتمرد، يختم عامه الـ ١٩. ويحلو لبعض المؤرخين تقديم ثورة ١٩١٩ باعتبارها «سلمية»، إلا أنها فى واقع الأمر لم تكن سلمية لدرجة يمكن وصفها بـ «المخملية»، فقد كان لها وجهها العنيف، الذى اضطر الثوار إلى الكشف عنه فى مواجهة رصاص القوات البريطانية المتطاير فى وجوه المظاهرات الشعبية.
ولأن ثورة ١٩ لم تخل من الشهداء الذين تساقطوا، فقد حفزت دماؤهم الثوار على تدبير الاغتيالات ضد من اعتبروهم أعوانا للاستعمار، ومناهضين للحركة الوطنية. وفى بلد رازح تحت نير الاحتلال، كان الشعب يطرب لأصوات القنابل التى يستهدف بها الفدائيون «وزراء الاستعمار». كانت تلك العمليات «هى الشهب التى تضىء ظلام الحكم الحديدى»، منذ ١٩١٩ وحتى إعلان الدستور سنة ١٩٢٣، «ذلك المخدر الذى تراخت تحت تأثيره عضلات الثوار.. إلى أن فتحت (مصر) عينيها وهى بين يدى ثوار الجيش سنة ١٩٥٢».
ويقتضى بنا الامر قبل البدء فى سرد قصة هذا البطل أن نعود بالذاكرة تسعة سنوات للخلف حينما أقدم طبيب صيدلى مصرى بأطلاق الرصاص على بطرس غالى رئيس الوزراء المصرى فأرداه قتيلاً بعد يوم واحد من اطلاق الرصاص عليه وكانت هذه هى ثانى شكل من اشكال الاغتيال السياسى فى تاريخ مصر كلها الاولى كانت عندما طعن سليمان الحلبى القائد الفرنسى ” كليبر” بخنجر مما أدى إلى قتله والثانية كانت إغتيال بطرس غالى على يد إبراهيم ناصف الوردانى وكان أسباب الاغتيال بعدد الرصاصات التى أطلقها عليه وهى ستة رصاصات ..نسترجعها سوياً معاً..عندما سئُل عن أسباب إطلاق الرصاص على بطرس غالى أجاب فى شجاعة وتحدى ..
نعم أطلقت الرصاص عليه لآنه خائن . أطلقت عليه ستة رصاصات الاولى لرياسته محكمة دنشواى التى شنق وجلد بها الفلاحين والثانية لتوقيعة اتفاقية السودان 18999 والتى جعلت بريطانيا المحتله شريكا لمصر فى السودان والثالثة لعرضه مشروع مد إمتياز قناة السويس للانجليز 40 عاما والرابعة لآصداره قانون النفى الإدارى والخامسة لآصدار قانون المطبوعات والسادسة لإهانته للحركة الوطنية ووصفه لها بالهمجية ..
اغتيال بطرس غالى واشعال نار الفتنة
دفع المحامون أمام إعترافاته الجريئة بأنه غير متزن عقلياً ومع ذلك حُكم عليه بالاعدام ورفض المفتى ”بكرى الصدفى” التصديق على إعدام الوردانى لآن المحكمة رفضت عرضه على لجنة طبية للكشف على سلامة عقله ومع ذلك ايضاً تم اعدام ابراهيم الوردانى فى 18 مايو 1910وخرجت المظاهرات ضد الانجليز وإحتجاجاً على إعدام الوردانى وكانت تردد التيمة التى اصبحت جزء من غناء الوطنية المصرية حتى اليوم ” قولوا لعين الشمس ماتحماشى أحسن غزال البر صابح ماشيى” .. لم يمر اغتيال بطرس غالى مرور الكرام فقد وجد الانجليز ضالتهم فى هذه الحادثة ورددوا ان الباعث للاغتيال ان الوردانى مسلم وبطرس غالى هو اول رئيس وزراء قبطى وأن الدافع دينى وليس سياسياً وأن الانجليز أحد اسباب وجودهم هو حماية الاقلية المسيحية المصرية ..هذا الرد الذى تصدى له ابطال مصريون أقباط كان على رأسهم مرقص بك حنا وويصا واصف بك وسينوت حنا والاهم من كل هؤلاء كان البطل واصف غالى أبن بطرس غالى نفسه الذى رفض مقولات الانجليز وانحاز فى شجاعة لرأب الصدع الذى حاول الا نجليز أن يجعلوا منه حجة لآشعال فتنة طائفية بين المسلمون والاقباط .. ولم ييأس الانجليز فراحوا يزكون نار العداوة والبغضاء بين الفريقين فوقع فى شباك هذه المؤامرة العديد من الشخصيات امثال أخنوخ فانوس والشيخ على يوسف وانتهى الامر بعقد المؤتمر القبطى بأسيوط ( مركز تجمع الاغلبية من اقباط مصر ) وكادت تحدث فتنة كبرى لولا وعى الاقباط والاحرار منهم اللذين وؤدوا هذه الفتنة فى مهدها وعلى رأسهم كل من سبق وذكرناهم ….
ومع كل ذلك بقى فى النفس شيئاً من ضيق وعرفت مصر بعض من الحساسية بين العنصر الواحد وتأرجحت المسائل تارة هنا وتارة هناك ولكنها سرعان ما كانت تنتهى وفقاً لشخصية مصر ولطبيعة السماحة بين الاخوة على اختلاف دياناتهم فكان المسلمون يحتفلون بأعياد الاقباط ويعدون العدة لها قبل يوم الاعياد ويضعون الزينات ويتزاورون وتجمعهم الموائد والمساكن والمودة وتلك هى شخصية مصر الحقيقة والفطرة التى فطر عليها اهلها فالحياة تجمعنا سوياً واوقات العبادة يذهب كل الى محرابة المسلم الى مسجده والمسيحى الى كنيسته وحتى اليهودى الى معبده ..
….كانت هذه المقدمة هامة حتى توضح خطورة الموقف اذا ما تكرر ثانيتاً ويكون القاتل مسلم والمقتول قبطى والانجليز يتمنون ان تحدث مثل هذه الوقيعة من جديد حتى تشعل نار الفتنة من جديد ويجدون سبيلاً بضرب هذا بذاك وتنتهى الثورة التى أرقت حياتهم وقلبتها جحيم عليهم ..
ولنعود مرة اخرى الى الايام الاولى للثورة من العام 19199والى يوسف وهبه باشا الذى قبل ان يؤلف الوزارة فى ظل الحماية البريطانية وكان ذلك بأيحاء من الانجليز أنفسهم وذلك لآيقاع الخلاف بين المسلمين والاقباط وأثارة فتنة تقضى على الثورة التى بدأها كل شعب مصر مسلموها واقباطها .
الجهاز السرى يقرر عقاب الخونة …!!
اذاً قضى الامر وقبل يوسف باشاوهبه أن يؤلف الوزارة خروجاً ع أجماع الامة ومعه ثلة من الخونة اللذين تضامنوا معه فى تحدى لكل شعب مصر اللذى قاطع كله لجنة ملنر وأبى أن يكون وكيلهم فى مطالب الاستقلال رجل أخر غير سعد وبذلك يكون قد أعطى الشرعية للمحتل البريطانى فى الاستمرار فى احتلاله ووجد من يؤيده فى النكوص بوعوده بعد ان انتهت الحرب العالمية الاولى وخرج الانجليز من هذه الحرب منتصرين وبعد ان تم الاجهاز على الخلافة العثمانية والمهزومة على يد رجل الحرب القوى البريطانى ” اللنبى ” .فى هذه الاثناء وتحديداً فى اكتوبر 1919أجتمع أكثر من 40 طالباً فى منزل الطالب ” محمد حلمى الجيار ” وكان من ضمنهم عريان سعد وأقسموا اليمين على كتمان سر الاجتماع وكان هدف الاجتماع هو كيفية البحث عن وسيلة لآستمرار اضراب الطلاب . وقف عريان سعد وهو يقول بحماس ” لابد من قتل الخونة وقتل الانجليز هذا هو السلاح الوحيد اللذى يؤدى لآخراج الانجليز عن بلادنا ..
الا انه لم يكد يقول ذلك حتى قاطعه اثنان من الطلبه وهم يرددون نحن نؤمن بالعمل السلمى فقط وقال أخر ” نحن ضد القتل السياسى ” .وأضطر عريان سعد الى السكوت وما ان انتهى الاجتماع حتى جاء اليه هذان الطالبان وقالوا له بصوت خفيض ..هل انت جاد فيما قلته ثم ناقشاه فى بعض الامور وبعد يومان عاد اليه هذا الطالب وهو محمد حفنى طالب الطب وقال له انت اصبحت عضواً فى جمعية اليد السوداء وعرف بطلنا ان الطالبين هما محمد حفنى و محمد حلمى الجيار واللذان كان فى الواقع عضوين فى الجهاز السرى فى شعبة الاغتيالات ..
روح شباب الثورة المصرية
وقع الاختيار على خلية أخرى لآغتيال يوسف باشا وهبه ألا ان عريان سعد أصر ألا أن يقوم أحد بهذا العمل سواه وكان يردد لانريد أن نعود لما حدث مع بطرس غالى عندما اغتاله ابراهيم الوردانى وكادت أن تحدث فتنة كبرى أنا قبطى مثله ولن يستطيع الانجليز أشعال فتنة جديده اذا كان القاتل قبطى ..فى البدء اعترض اعضاء الجهاز الا انهم فى النهاية ومع اصرار عريان سعد وافقوه على رأيه بعد أن أقتنعوا بوجاهة ما يقوله ومنطقيته ..وتم التجهيز لعملية أغتيال يوسف وهبه باشا وتدريب عريان سعد على ألقاء القنابل وتم رصد تحركات ومواعيد خروج ودخول يوسف باشا .. وأخيراً تم تحديد موعد 14 ديسمبر للتنفيذ وذهب الفتى لكن لم يحضر رئيس الوزراء فتم معاودة الامر فى اليوم التالى 15 ديسمبر 1919 وكان قد تم اختيار مكان ألقاء القنبلة فى ميدان سليمان باشا ( طلعت حرب حاليا ) ….”
عرض أن يقوم هو بعملية الاغتيال حتي لا يدان المسلمون وتشوه الحركة الوطنية.. «لقد جاء وقتك».. قالها لنفسه ثم مضي يتدبر الأمر مع المنظمة.. قال لنفسه أيضا إنه سينفذ العملية ويسلم نفسه حتي يعلم العالم أن المعتدي ليس من المسلمين.. قال لصاحبه: أنا ميت علي كل حال إن لم أمت اليوم فأنا ميت حين تدركني الشيخوخة لكن الوطن حي لن يموت.. لا يحق لنا أن نترك الوطن يخلد في القيود لكي نحتفظ بأرواحنا إلي حين.. اتفق مع صاحبه أن يأتيه بمسدسين وقنبلتين لتنفيذ العملية واختار ميدان سليمان باشا مكانا لها وكافيه رمسيس نقطة انطلاق.. جلس في المقهي يراقب الميدان حتي حانت الساعة وجاءت سيارة رئيس الوزراء ووراءها جنديان علي موتوسيكلين من شارع قصر النيل.. وقف في وجهها.. أخذ قنبلة من جيبه ورمي بها تجاه السيارة..كان السائق يقظا استدار بالسيارة فانفجرت القنبلة بجانب العجلة الخلفية.. وأمسك بالقنبلة الثانية ورمي بها لتنفجر فوق السيارة.. أمسك الجنديان بعريان يوسف سعد وذهبوا به إلي رئيس الوزراء في مكتبه ودار حوار بينهما قتل فيه عريان يوسف سعد بكلامه رئيس الوزراء عندما قال: أنا قبطي أردت أن أغسل بدمي ودمك ما وصمت به الأقباط بقبولك تأليف الوزارة.
أمر بعدها رئيس الوزراء رجاله بأن يأخذوه من أمامه.. أخذوه وذهبوا به إلي قسم عابدين وهناك جري معه التحقيق.. اعترف عريان بما قام به وأنكر أن يكون أحد قد ساعده في العملية وأنه اشتري القنبلتين من رجل أجنبي لا يعرف ملامحه ولا اسمه.. طوال التحقيقات تمسك عريان باعترافاته وتعاطف معه الجميع النائب العام والسجان والباشسجان.. أحبوا فيه شجاعته ووطنيته.. لم يضايقوه وعملوا علي راحته حتي جاء يوم المحاكمة في يناير 1920 أمام المحكمة العسكرية البريطانية فعرض عليه شقيقه أن يترافع عنه محام إنجليزي ومعه محام قبطي فرفض في بداية الأمر لأن محاميه إنجليزي إلا أن شقيقه أقنعه في النهاية.. واستطاع المحامي وبصعوبة أن يعدل اعتراف عريان من تعمد القتل إلي ارهاب رئيس الوزراء لتخفيف الحكم.. انتهت المحاكمة وتم ترحيل عريان إلي السجن مرة أخري وفي طريقه التف آلاف الشباب حول السيارة يهتفون يحيا الوطن.. تحيا البطولة.. تحيا التضحية.. بعد 4 أيام صدر الحكم 10 سنوات أشغالاً شاقة لكنه لم يقضها كاملة فقد أفرج عنه بعد 4 سنوات ضمن من شملهم العفو في وزارة سعد زغلول.
بعد خروجه من السجن لم يتمكن عريان سعد من العودة إلي الجامعة لاستئناف تعليمه بسبب نشاطه السياسي
وعين بمجلس الشيوخ الذي ظل يعمل به حتي الخمسينيات عندما افتتحت جامعة الدول العربية أول مكتب لمقاطعة إسرائيل في دمشق فانتقل للعمل هناك حتي سنة 1957 وعاد إلي القاهرة ثم دخل في مشروع تجاري لإنتاج الورق. مذكرات عريان يوسف فعلاً تستحق القراءة لكنك ستشعر بالخجل بعد أن تنتهي منها فالرجل ضحي بحياته من أجل الوطن.. رمي ثراءه خلف ظهره وودع عيشته الهنية ليأتي للمصريون ومعه حرية للبلد تم سلبها.
عرض أن يقوم هو بعملية الاغتيال حتي لا يدان المسلمون وتشوه الحركة الوطنية.. «لقد جاء وقتك».. قالها لنفسه ثم مضي يتدبر الأمر مع المنظمة.. قال لنفسه أيضا إنه سينفذ العملية ويسلم نفسه حتي يعلم العالم أن المعتدي ليس من المسلمين.. قال لصاحبه: أنا ميت علي كل حال إن لم أمت اليوم فأنا ميت حين تدركني الشيخوخة لكن الوطن حي لن يموت.. لا يحق لنا أن نترك الوطن يخلد في القيود لكي نحتفظ بأرواحنا إلي حين.. اتفق مع صاحبه أن يأتيه بمسدسين وقنبلتين لتنفيذ العملية واختار ميدان سليمان باشا مكانا لها وكافيه رمسيس نقطة انطلاق.. جلس في المقهي يراقب الميدان حتي حانت الساعة وجاءت سيارة رئيس الوزراء ووراءها جنديان علي موتوسيكلين من شارع قصر النيل.. وقف في وجهها.. أخذ قنبلة من جيبه ورمي بها تجاه السيارة..كان السائق يقظا استدار بالسيارة فانفجرت القنبلة بجانب العجلة الخلفية.. وأمسك بالقنبلة الثانية ورمي بها لتنفجر فوق السيارة.. أمسك الجنديان بعريان يوسف سعد وذهبوا به إلي رئيس الوزراء في مكتبه ودار حوار بينهما قتل فيه عريان يوسف سعد بكلامه رئيس الوزراء عندما قال: أنا قبطي أردت أن أغسل بدمي ودمك ما وصمت به الأقباط بقبولك تأليف الوزارة.
أمر بعدها رئيس الوزراء رجاله بأن يأخذوه من أمامه.. أخذوه وذهبوا به إلي قسم عابدين وهناك جري معه التحقيق.. اعترف عريان بما قام به وأنكر أن يكون أحد قد ساعده في العملية وأنه اشتري القنبلتين من رجل أجنبي لا يعرف ملامحه ولا اسمه.. طوال التحقيقات تمسك عريان باعترافاته وتعاطف معه الجميع النائب العام والسجان والباشسجان.. أحبوا فيه شجاعته ووطنيته.. لم يضايقوه وعملوا علي راحته حتي جاء يوم المحاكمة في يناير 1920 أمام المحكمة العسكرية البريطانية فعرض عليه شقيقه أن يترافع عنه محام إنجليزي ومعه محام قبطي فرفض في بداية الأمر لأن محاميه إنجليزي إلا أن شقيقه أقنعه في النهاية.. واستطاع المحامي وبصعوبة أن يعدل اعتراف عريان من تعمد القتل إلي ارهاب رئيس الوزراء لتخفيف الحكم.. انتهت المحاكمة وتم ترحيل عريان إلي السجن مرة أخري وفي طريقه التف آلاف الشباب حول السيارة يهتفون يحيا الوطن.. تحيا البطولة.. تحيا التضحية.. بعد 4 أيام صدر الحكم 10 سنوات أشغالاً شاقة لكنه لم يقضها كاملة فقد أفرج عنه بعد 4 سنوات ضمن من شملهم العفو في وزارة سعد زغلول.
بعد خروجه من السجن لم يتمكن عريان سعد من العودة إلي الجامعة لاستئناف تعليمه بسبب نشاطه السياسي
وعين بمجلس الشيوخ الذي ظل يعمل به حتي الخمسينيات عندما افتتحت جامعة الدول العربية أول مكتب لمقاطعة إسرائيل في دمشق فانتقل للعمل هناك حتي سنة 1957 وعاد إلي القاهرة ثم دخل في مشروع تجاري لإنتاج الورق. مذكرات عريان يوسف فعلاً تستحق القراءة لكنك ستشعر بالخجل بعد أن تنتهي منها فالرجل ضحي بحياته من أجل الوطن.. رمي ثراءه خلف ظهره وودع عيشته الهنية ليأتي للمصريون ومعه حرية للبلد تم سلبها.
مذكرات عريان يوسف سعد ..
..ولتسمحوا لى ان أتنحى جانباً مؤقتاً لنرى كيف أورد عريان سعد فى مذكراته تفاصيل الحادث .
…” ذهبت وجلست فى حديقة كافيه ريش بشارع سليمان باشا أمام الميدان ومعى قنبلتان ومسدسان أخفيتهما فى فى جيوب الجاكته تحت المعطف وجلس زميلى محمد حفنى طالب الطب على مقعد رخامى كان يحيط بتمثال سليمان باشا فى مواجهة شارع قصر العينى لكى يرى سيارة رئيس الوزراء عند خروجها من شارع شواربى الى شارع قصر النيل . وكانت الاشارة المتفق عليها عند ظهور السيارة أن يقف صاحبى على قدميه وينصرف بدون أعطاء أى أشارة حتى لايلفت النظر !ومن الطريف أن مخبراً سرياً كان يجلس بجواره فى ذات الوقت وعندما قدمت السيارة ورأيت الاشارة تقدمت الى منتصف الشارع وألقيت القنبلتان على رئيس الوزراء !
وقبض على فى الحال ثم أخذونى الى مكتب رئيس الوزراء وكان مضطرباً وجلس بجواره يحى باشا ابراهيم وزير المعارف ومحمود باشا فخرى محافظ القاهرة . وقال لى رئيس الوزراء ” ليه يا شاطر بتعمل كده ” قلت ” انت خرجت على اجماع الامة “لآن البطريرك طلب منك عدم تأليف الوزارة وجاء اليك وفد من الاقباط ورفضت مقابلته وأرسلت اليك برقيات من جميع الشعب ألا تؤلف الوزارة ,انا أرسلت لك برقيه بأسم طلبة كلية الطب ولكنك تحديت كل هؤلاء وألفت الوزارة ! ..قال يوسف باشا ” وكيف عرفت اننى لاأعمل لمصلحة البلد ؟ قلت ” قرأت فى الاهرام برقية من روتر أن جريدة التايمس ذكرت أن الوزارة المصرية الجديدة ستعمل على تحقيق الامانى البريطانية فى مصر . والامانى البريطانية فى مصر ليست هى الامانى المصرية ! قال يوسف وهبه باشا ” لو كنت انا مت ألم يكن غيرى سيؤلف الوزارة ؟ قلت ..كنا نقتله .كما حاولنا قتلك ! قال رئيس الوزراء ” ما أسمك ” قلت عريان يوسف سعد قبطى ! قال “طيب أتفضل ” ….وأخذنى البوليس وبدأ التحقيق وحاول المحققون أن يعرفوا شركائى ولكنى رفضت أن أفتح فمى وحكم على بالسجن عشر سنوات …
….الرسائل السرية من عبد الرحمن فهمى الى سعد زغلول بشأن عريان يوسف سعد ..
….على الرغم من شدة وصرامة عبد الرحمن فهمى كرجل عسكرى وادارى سابق وعدم ميوله الى المديح الا اننا سنتلاحظ من نص الرسائل الاتيه خروج هذا الرجل القوى عن ثوابته الصارمة ومدى اعجابه بهذا الشاب الفدائى اليافع وسنوردها لسيادتكم نصياً وهى كالاتى ….
” سرى ” …15 ديسمبر سنة 1919.
من عبد الرحمن فهمى بالقاهرة الى سعد زغلول بباريس..
” ألقى طالب قبطى من كلية الطب قنبلتين على رئيس الوزراء ( يوسف وهبه باشا ) ولكنه أخطئه وضبط الشاب وهو يبلغ نحو عشرين سنه . يتقد حمية ووطنية من عائلة كبيرة بجهة ميت غمر أسمه عريان يوسف سعد أبن سعد بك وهبه . الشاب المذكور فى غاية الجرأة . أعترف بجريمته وبسببها بلا مبالاه . ولايزال مصرا على أقواله
” سرى ” 14 يناير 1920 …
من عبد الرحمن فهمى بالقاهرة الى سعد زغلول بباريس
..حددت السلطه العسكرية البريطانية يوم 166 يناير لمحاكمة عريان أفندى يوسف سعد الجرىء أمام مجلس عسكرى . قيل لنا أن يوسف باشا وهبه سعى سعياً حثيثاً لدى السلطات لمحاكمة المذكور امام المحاكم الاهلية فلم يفلح وكان ذلك تحت نأثير شديد من كتب التهديد التى وصلته .
” سرى ” 17 يناير …من عبد الرحمن فهمى بالقاهرة الى سعد زغلول بباريس ..
..حوكم الشجاع ” عريان أفندى يوسف سعد أمس بوزارة الحقانية . من الغريب أن المحاكمة تمت فى يوم واحد .لا تسئلوا عن ثبات جأش هذا الشاب وشجاعته التى أظهرها أثناء المحاكمة فكلها مما يفخر بها المصرى أينما كان وحيثما كان ..أسئل الله السميع القدير ألا يجعل هذه الحادثة خاتمة أعماله لبلده ……
ينتقل عريان بنعومة عبر الزمان والمكان، فنروح معه ونغدو فى رحلة داخل الثورىّ الإنسان.. ومن شارع قصر العينى إلى مسقط رأسه ميت غمر، يقول بروح مفعمة بالوطنية البعيدة عن المذهبية: «كانت ميت غمر قد أعلنت استقلالها، وتألفت فيها وزارة من الأعيان وقام الطلبة والعمال بحفظ الأمن»، هذا الاستقلال الذى سرعان ما أجهضه الجنود البريطانيون.
ومضى يقول فى مذكراته إن أول مظاهرة نشبت فيها «كان يقودها محمود حسنى وأندراوس رزق وسعد يوسف سعد وكانت نار الخلاف بين المسلمين والأقباط لاتزال جذوتها تحت الرماد منذ مؤتمر الأقباط الذى انعقد فى أسيوط ١٩١٠ والمؤتمر الإسلامى الذى انعقد فى هليوبوليس والمقالات النارية التى كان يكتبها الشيخ عبدالعزيز جاويش والردود القاسية التى كانت تنشرها جريدتا الطائفة القبطية (الوطن لصاحبها جندى إبراهيم ومصر لصاحبها تادرس شنودة المنقبادى)» وبموضوعية بعيدة عن أى انحياز دينى يضيف: «كانت جمرات الحقد بين العنصرين لاتزال تحت رماد النسيان، أطفأها سعد زغلول فى قلوب المثقفين وعقولهم، ولكنها بقيت بين كثيرين من قليلى الحظ من الثقافة وكانوا كثرة فى البلاد».
هكذا صاغ الثورى القبطى فى مذكراته أفكاراً تصلح لإطفاء نار الفتنة التى لايزال أبناء الوطن الواحد يكتوون بنارها حتى يومنا هذا. وهكذا كانت أفكاره التى انعكست فى مطالبته لابنته يوما بأن تقرأ الكتب السماوية الثلاثة ثم تأتى إليه ليتناقشا حولها. فى النهاية، توصل الأب وابنته إلى خلاصة مفادها أن الكتب الثلاثة تغطى الجوهر نفسه فيما يتعلق بالوصايا العشر، وهو ما يعنى أن تكون شخصا صالحا أمينا، له قيم يمارسها، لا يعظ بها».
وهكذا نصل الى ختام قصةهذاالبطل المصرى الشجاع والذى قدم نفسه على غيره حتى لاتنقسم الامة وواجه عدوه اللذى هو منه بشجاعة الاسود حتى ان عبد الرحمن فهمى لم يستطع أخفاء مدى أعجابه بهذا الشاب النبيل الشجاع ..يبقى ان نقول أن عريان يوسف سعد بعد أن حكم عليه بعشرة سنوات فى يناير 1920 تم الافراج عنه بعد أن عاد سعد زغلول من منفاه الثانى وقرر العفو عنه عام 1924 ومعه كل الابطال المخلصين اللذين حكم عليهم بسبب الثورة ….
موضوعات مشابهة:-
COMMENTS